بقلم : تحسين لؤي الجنابي

في قلب وزارة النفط العراقية، تقف امرأة استثنائية، لا تُشبه أحدًا في حضورها المهني، ولا تُقارن في عطائها الهندسي. إنها المهندسة الخبيرة “نورهان موسى يادكار” المرشحة لقبة مجلس النواب العراقي لعام 2025 و التي تجاوزت الأربعين عامًا من الخدمة في قطاع النفط والطاقة ، لتُصبح رمزًا للثبات، والريادة، والتمكين في مجالٍ لطالما اعتُبر حكرًا على الرجال.

– من الهندسة إلى القيادة: مسيرة من ذهب

بدأت رحلتها كمهندسة كهرباء شغوفة بالتفاصيل، دقيقة في الحسابات، ومخلصة في التنفيذ. لم تكن مجرد موظفة تؤدي واجبها، بل كانت عقلًا هندسيًا يُعيد ترتيب المعادلات، ويبتكر الحلول في أصعب الظروف. مشاريع الطاقة، محطات التوليد، شبكات التوزيع، كلها مرّت بين يديها، فتركت فيها بصمة لا تُمحى.

ومع مرور السنوات، تحوّلت من مهندسة إلى قائدة، ومن منفذة إلى صانعة قرار. أصبحت المرجع الفني الأول في الوزارة، تُستشار في التخطيط، وتُعتمد في التنفيذ، وتُحترم في كل اجتماع.

– المرأة الحديدية: لقبٌ من ذهب

لم يكن لقب “المرأة الحديدية” مجرد وصف إعلامي، بل هو اعتراف ضمني من زملائها ومجتمعها المهني بقوتها، صلابتها، وقدرتها على مواجهة التحديات. في زمن الأزمات، كانت أول من يصل وآخر من يغادر. في لحظات الانهيار، كانت تُعيد تشغيل المحطات، وتُنعش الأمل في فرق العمل.

هي النموذج الذي يُثبت أن المرأة العراقية قادرة على اقتحام أعقد المجالات، وأنها حين تُمنح الفرصة، تُبدع وتُدهش وتُغيّر.

– بصمة وطنية تتجاوز الجغرافيا

لم تقتصر إنجازاتها على حدود الوزارة، بل امتدت لتشمل مشاريع وطنية كبرى، ومساهمات في تطوير السياسات الطاقوية، وتمثيل العراق في مؤتمرات دولية. كانت صوتًا هندسيًا عراقيًا يُعبّر عن كفاءة المرأة، ويُدافع عن حقوقها المهنية، ويُعزز حضورها في المحافل العالمية.

– إرثٌ يُلهم الأجيال

اليوم، وبعد أكثر من أربعة عقود من العمل، تُعد هذه المهندسة قدوة لكل فتاة عراقية تحلم بدخول عالم الهندسة والطاقة. إرثها المهني ليس فقط في المشاريع التي أنجزتها، بل في القيم التي زرعتها: الالتزام، الإبداع، الوطنية، والتمكين.